Skip to content Skip to footer

إعلان البابا فرنسيس قداسة شهداء دمشق

احتفلت الكنيسة اللاتينية يوم الأحد ٢٠ تشرين الأول بالقداس الإلهي الذي احتفل به البابا فرنسيس في حاضرة الفاتيكان وفيه تمّ إعلان قداسة شهداء دمشق

(الرهبان الفرنسيسكان الثمانية ومعهم الإخوة المسابكيين الثلاثة) قديسين في الكنيسة الجامعة.

حضر الاحتفال حشد كبير من الكهنة والمكرسين والمكرسات والمؤمنين الذين عاشوا لحظات فرح القداسة والشراكة مع البابا فرنسيس.

كما و نقلت رعايا اللاتين في سوريا جميعا هذا القداس عبر شاشات كبيرة ضمن الكنائس للمشاركة في هذه الفرحة التي تغمر قلوب الجميع.

و في يوم الأحد 27 تشرين الاول 2024، احتفلت رعية اللاتين حيث استشهدوا بقداس شكر لله تعالى على نعمة القداسة (روما في ٢٠ تشرين الأول ٢٠٢٤) التي نالها أحد عشر شهيدًا في دير الآباء الفرنسيسكان – باب توما. ترأس القداس سيادة المطران حنا جلوف، النائب الرسولي لطائفة اللاتين في سورية، بحضور السادة الأساقفة والكهنة والمكرسين والمكرسات وجمع غفير من شعب الله.

وقد شارك في الاحتفال مؤمنون من مختلف المحافظات، إضافة إلى وفد من السلك الدبلوماسي (سفارتي النمسا وهنغارية) ونيافةالكاردينال ماريو زيناري السفير البابوي في سورية. كما تم نقل القداس مباشرة عبر قناتي “نور سات” و”Charity TV”.

عظة صاحب السيادة المطران حنا جلوف النائب الرسولي لطائفة اللاتين في سورية في هذا القداس.

أيتها الأخوات والإخوة،

يسعدني ويشرفني في هذا اليوم المبارك أن نرفع الدعاء والشكر إلى الله القدير الذي أعطانا هؤلاء القديسين الجدد، الذين تم تقديسهم ورفعهم إلى هياكل المجد في 20 من الشهر الحالي في ساحة القديس بطرس، هامة الرسل، في روما.

القديسون الرهبان الفرنسيسكان الثمانية والإخوة المسابكي الثلاثة، الذين قدموا في حياتهم شهادة رائعة عن إيمانهم، ثم مهروها بشهادة الدم ليلة 9-10 تموز عام 1860م، مفضلين الموت على إنكار المسيح، يضفرون على جبين الكنيسة إكليل مجد جديد.

أسماء القديسين الجدد:

الرهبان الفرنسيسكان:

عمانويل رويس، كرمليو بولتا، بدرو سولير، نيكولا ماريا تورس، فرنسيسكو بينازو، خوان جاكمو فرنندز من التبعية الإسبانية، الأب إنجلبرت كولاند من التبعية النمساوية

أما الإخوة المسابكي فهم: فرنسيس، عبد المعطي، وروفائيل مسابكي

كان استشهاد القديسين على يد السلطة العثمانية في دمشق ليلة 9-10 تموز، وتسمى هذه الليلة “ليلة الدم” أو “الليلة الظلماء” و”ليلة العار” في تاريخ هذه المدينة. بسبب زيادة الاضطرابات في دمشق وأمام الهجوم الذي تعرض له المسيحيون من المتطرفين الذين أرادوا قتلهم، دخل هؤلاء الشهداء إلى الكنيسة داخل دير الآباء الفرنسيسكان، وتقدموا من سر المصالحة معترفين بخطاياهم وتناولوا القربان المقدس، مصلين المزمور: “الرب نوري وخلاصي، فممن أخاف؟ الرب حصن حياتي، فممن أفزع؟ وإذا اصطف علي عسكر فلا يخاف قلبي، وإن قام علي قتال ففي ذلك ثقتي…”

ونحو الساعات الأولى من فجر العاشر من تموز، تسلل المعتدون إلى حرم الدير ودخلوا على المجتمعين عنوة، مدججين بالسلاح، وقتلوا الرهبان الفرنسيسكان الثمانية والإخوة العلمانيين المسابكيين الثلاثة على درجات المذبح الكبير داخل الكنيسة بضربات بلطة حديدية.

تعد المذابح التي وقعت عام 1860 من أفظع المذابح الطائفية في تاريخ الدولة العثمانية (قبل مذابح الأرمن والسريان). ولا يزال كثيرون يذكرونها بألم، وكانت هذه المذابح سبب هجرتهم إلى أمصار العالم الأربعة. وقد بلغ مجموع الضحايا الذين قتلوا في دمشق ما يقارب 11 ألف شهيد. وتم اغتصاب أكثر من 400 امرأة، ونهبت كل البيوت والمحلات والكنائس والأديرة والمدارس والبعثات التبشيرية وأُحرقت جميعها. وتحول حوالي 3000 بيت و200 محل إلى ركام، ودمرت 11 كنيسة و3 أديرة، وقتل حوالي 30 كاهناً، ونهبت الكنيسة المريمية وكنيسة السيدة في حارة الزيتون، وأفرغت من محتوياتها بالكامل وأشعلوا النيران فيهما.

وكانت مهمة أشراف دمشق من المسلمين هي مساعدة المسيحيين وإنقاذ ما أمكن منهم، وعلى رأسهم الأمير عبد القادر الجزائري.

أدى هؤلاء الشهداء شهادة الإيمان بسيرتهم المثالية دون خوف أو تردد، وفضلوا الموت على إنكار إيمانهم المسيحي، وليس في نفوسهم أي حقد أو ضغينة لقاتليهم، بل صلاة من أجلهم كما فعل يسوع من على الصليب: “يا أبتِ اغفر لهم لأنهم لا يدرون ما يفعلون” (لو 23، 34).

المغفرة عندنا نحن المسيحيين هي من جوهر ثقافتنا الإنجيلية وحضارة تاريخنا الطويل.

إنها ثقافة الغفران من القلب، يعلمنا إياها الرب يسوع: “أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، وأحسنوا إلى مبغضيكم. فتكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات” (متى 5: 44-45). هذا هو حجر الزاوية لإيماننا. نستذكر التاريخ لنواصل الشهادة، ونجدد الرسالة، ونصلح ما يلزم في حياتنا.

نحن نغفر، ولكن لا ننسى، كي نتجذر في الأرض التي ولدنا عليها ونشهد لقيامة ذاك الذي قام من أجلنا وضحى بذاته لأجل خلاصنا.

إن شهداء دمشق يذكروننا بأن المسيحية ليست مجرد مجموعة معتقدات، بل هي حياة. إنها دعوة إلى القداسة، إلى التشبه بذاك الذي بذل ذاته من أجلنا لنكون على مثاله.

لقد أراد قداسة البابا فرنسيس في نهاية اجتماعات السينودوس المنعقد في روما أن يرفع إلى درجة القداسة هؤلاء الشهداء لكي يرسل لنا رسالة يقول فيها: “إن الكنيسة في العالم تسير على قدمين: المكرسين والعلمانيين، على قدم المساواة. جنباً إلى جنب، وإلا سوف تعرج في سيرها.”

إن هؤلاء الشهداء يمثلون الاثنين معاً: المكرسين والعلمانيين، الذين امتزجت دماؤهم من أجل الشهادة للإيمان المسيحي. وأيضاً ليقول لنا بأن الكنيسة هي كنيسة جامعة شمولية، لا تقتصر على فئة دون أخرى. فهي جامعة في مشرقها ومغربها، فالعلمانيون ممثلون بالإخوة المسابكي، والرهبان هم أولئك الذين حملوا بشرى الخلاص ليكونوا إلى جانب إخوتهم في الإيمان.

صلاتنا اليوم،

هي صلاة شكر نرفعها إلى الباري تعالى الذي وهبنا هؤلاء القديسين الجدد، كي يكونوا لنا نبراساً في إيماننا ورجائنا المسيحي. نتقوى بإيمانهم ومثلهم، لنتخطى مصاعب الحياة في هذه الأرض، أرض السلام، رغم كل الحروب والاضطهادات والحصار الاقتصادي والمستقبل المجهول.

أيها الإله الأزلي القدير، يا من تبني الكنيسة جسد المسيح السري وتزينها بشهادة القديسين الشهداء، التفت إلى ما قاساه قديسونا الشهداء من آلام مجيدة كللتهم بالعظمة والكرامة. اجعل هذه الآلام عوناً لنا دائماً، إنهم لنا ينبوع نعم ورجاء. طالبين شفاعتهم لنا جميعاً. آمين

إنَّ الرهبان الفرنسيسكان في حراسة الأراضي المقدسة وفي سوريا خصوصًا إذ يذيعون هذا الخبر بفرح كبير، يؤكدون أن إعلان قداسة هؤلاء الطوباويين، ومنهم ثلاث أشخاص سوريين، هو رسالة رجاء وسلام في شرقنا الأوسط وتحديدًا في بلدنا سوريا الذي عانى مؤخرًا من العنف والإرهاب.

وكما كان في حادثة استشهاد القديسين عام 1860 م، حيث تجلّى رفض العديد من المسلمين للعنف وذلك بإيوائهم لإخوتهم المسيحيين، كذلك اليوم لم تزل علامات التآخي والود موجودة في مجتمعنا، وما علينا إلا أن نثمّنها ونعمل على دعمها انطلاقًا من إيماننا بأن سوريا ستبقى دائمًا أرض القداسة والتآخي والحوار.

لتكن شفاعة القديسين الجدد عضدًا وحمايةً لنا ولكنيسة الشرق التي تمّر بمخاضٍ عسير نرجو أن ينتهي بولادة الحب والسلام والطمأنينة لسورية وكلّ المنطقة.

موقع المطرانية :

شارع الفرات .14

 العنوان البريدي 16137 

سوريا -حلب

للتواصل عبر الارقام التالية:

 رقم الهاتف 021-2682399

الفاكس 021-2689413 

موقع البريد الالكتروني :

vicariatlatin@mail.org

 جميع الحقوق محفوظة © Raizer